لم يكن معمر القذافي يهذي. كان في لحظة وعي تام تعبر بالفعل عن خطورة شخصيته ووحشية سلوكه وانحطاط لغته، التي خاطب بها الشعب الليبي، وأطلق عليه أسوأ النعوت التي لا يمكن ان تستخدم حتى بحق عدو خارجي، والتي تعكس ازدراءه الدفين لخمسة ملايين انسان باتوا مهدديالمحتجون في ليبيا يزدادون صلابة، والجيش والقبائل يريدان أيضا إسقاط النظام
مسترون حتى بلوغ الهدف لم يثر إعلان نجل الرئيس الليبي سيف الاسلام القذافي اليوم أن والده سيحارب ثورة شعبية حتى آخر رجل ذعر المتظاهرين، ولم يحد من عزيمتهم. بل على العكس، ازدادت أعداد المتظاهرين في العاصمة طرابلس، حيث شارك العديد منهم لأول مرة بعد أيام من الاضطرابات العنيفة في مدينة بنغازي في شرق ليبيا.
وتجمع محتجون مناهضون للحكومة في شوارع طرابلس، حيث برز تطور لافت تمثل في إعلان زعماء قبليين رأيهم صراحة ضد القذافي، بالإضافة إلى انضمام وحدات من الجيش للمعارضة في الوقت الذي تشهد فيه ليبيا المصدرة للنفط واحدة من أدمى الثورات التي تهز العالم العربي.
وكان سيف الإسلام قد ظهر على التلفزيون الوطني في محاولة لتهديد الناس قائلا "أن الجيش سيفرض تطبيق الأمن بأي ثمن"، وحاول التقليل مما يجري عبر الإيحاء أن معنويات العائلة الحاكمة "مرتفعة والقائد معمر القذافي يقود المعركة في طرابلس ونحن معه والقوات المسلحة معه". وأضاف أنه والنظام " لن يفرطون بليبيا، وسنقاتل حتى آخر رجل وحتى آخر امرأة وآخر طلقة ولا يمكن أن نترك بلادنا". واتهم سيف الإسلام منفيين ليبيين في تأجيج أعمال العنف، لكنه وعد أيضا بإجراء حوار بشأن الإصلاحات وزيادة الرواتب.
ولم يكن هذا التملق الذي أظهره نجل الرئيس الليبي كاف لإطفاء نار الغضب الذي انطلق بعد 40 عاما من حكم القذافي، في انعكاس للأحداث في مصر حيث أطاحت ثورة شعبية بالرئيس حسني مبارك الذي كان يبدو منيعا. وفي مدينة بنغازي الساحلية، بدا أن المحتجين يسيطرون بشكل كبير على المدينة بعد أن اجبروا قوات الجيش والشرطة على الانسحاب إلى مجمع، حيث أضرمت النار في مبان حكومية ونهبت.
وأعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن "233 شخصا على الأقل قتلوا خلال خمسة أيام من العنف" . وقال حبيب العبيدي الذي يرأس وحدة للعناية المركزة في مستشفى الجلاء أنه "تم نقل 50 جثة معظمهما قتلت رميا بالرصاص إلى المستشفى بعد ظهر أمس"، مضيفا أن "200 مصاب نقلوا أيضا إلى المستشفى منهم ضحية شوهت معالمه بعد إصابته بقذيفة صاروخية في بطنه". وأشار العبيدي إلى أن "أن أفراد وحدة من الجيش تعرف باسم فرقة"الصاعقة" نقلوا زملاء لهم مصابين للمستشفى".
إذا، أعلن الجنود أنهم انضموا لقضية المحتجين، وأنهم قاتلوا وهزموا الحرس الخاص بالقذافي. وقال رجل لوكالة "رويترز" خلال مكالمة هاتفية أن "الجنود يقولون الآن إنهم تغلبوا على الحرس وإنهم انضموا لثورة الشعب، وإذا كان القذافي يأمل استبعاد بنغازي بوصفها مشكلة إقليمية فانه واجه تطورا ينذر بالخطر الليلة الماضية مع خروج الحشود إلى شوارع طرابلس".
أيضا، تراجع التأييد للقذافي، وهو نجل راعي أغنام استولى على السلطة في العام 1969، بين القبائل الصحراوية في ليبيا، بعد تهديد زعيم قبيلة الزوية الشرقية بوقف صادرات النفط إذا لم توقف السلطات عن قمع المحتجين. وأعلن الشيخ فراج الزوي عبر قناة "الجزيرة" أنه سيوقف صادرات النفط للدول الغربية في غضون 24 ساعة إذا لم تتوقف أعمال العنف". بدوره، توجه اكرم الورفلة، وهو شخصية بارزة في قبيلة ورفلة إلى القذافي "أنه سيقول للأخ القذافي انه لم يعد أخا وأنه يجب عليه أن يرحل من البلاد".