ما يجري في بلد الثائر عمر المختار مريع ومروّع . بعد 42 عاماً ها هو التناقض يظهّر نفسه بين السلطة والشعب . بلغ الحديث عن سلطة الشعب التخمة حتى انفجر، ليبرز إلى الواقع أن الشعب في مكان والسلطة في مكان آخر . هذا الديكور “الديمقراطي” تأكد على الأرض أنه زائف، وأن ما كان يسمى حالة خاصة، بدا حالة خاصة فعلاً، بل حالة شاذة قياساً بما شهده ويشهده العالم من تطور .
ما يتعرض له الشعب الليبي غير إنساني بالمرة، ويندر مثيله، والتمسك بالسلطة ولو على بحر من الدماء وأكوام من الجثث لم يعد جائزاً ولا ممكناً ونحن نعيش في القرن الحادي والعشرين . ومهما كان حجم الحصار وكمّ الأفواه، فإن الوقائع الدامية مما عانى منه الليبيون لابد أن تظهر ولو تأخرت قليلاً .
بعد أسبوع ها هو المجتمع الدولي يستيقظ شيئاً فشيئاً على سياسة الأرض المحروقة في ليبيا، وما عاد ممكناً استمرار حال التفرج والترقب والتلاعب على الألفاظ حتى في توصيف ما يتعرض له الشعب في ليبيا من سلطة يفترض أنها سلطته، فالمؤتمرات شعبية واللجان شعبية (ثورية) والتصعيد إلى المناصب شعبي، والثورة للشعب، لكن ذلك كما بدا من الأيام الأخيرة كان زيفاً يستر واقعاً كارثياً حاصر الشعب الليبي عقوداً من الزمن .
ثمة نظام يخيّر شعبه بين استمرار الرضوخ له أو الحرب الأهلية والتقسيم والاستعمار والقتال حتى آخر طفل وطلقة، وربما طائرة أو بارجة أو دبابة . ولأن الشعب لا يملك غير الإرادة فيما السلطة تمتلك كل الأسلحة فالقتال بين مَن ومَن إذاً؟ إنه قتال النظام ضد شعبه، وتوصيف العالم بدأ يدور حول حرب إبادة، وحمامات دم، ومجازر وغير ذلك من التسميات .
شعب عمر المختار يخرج من سباته، بعدما لفحت الوجوه نسائم التغيير التي هبت عليه من الغرب ثم الشرق، فامتشق سلاح الإرادة وكسر جدار السكون والركون والصمت الذي طال .
حمى الله ليبيا وشعبها.