الـنَّفْس مثل الدواب التي تُرْكَب ، تحتاج إلى عَسْف وترويض !
فتحتاج النفس إلى تدريب وتربية وتهذيب وأطْر على الحق حتى تستقيم .
قال وهب بن منبه : الـنَّفْس كَنُفُوس الدواب ، والإيمان قائد ، والعَمَل سائق ، والـنَّفْس حَرُون ، فإن فَتَر قائدها حَرَنَت على سائقها ، وإن فَتَر سائقها ضَلَّت عن الطريق .
ويُروى ذلك مِن أقوال لُقمان الحكيم .
وفي وصايا لُقمان الحكيم :
الـنَّفْس إذا أُطْمِعَت طَمِعت ، وإذا أيستها أيست ، وإذا أقنعتها قَنِعت ، إذا أرْخَيت لها طَغَت ، وإذا زَجَرْتها انْزَجَرت ، وإذا عَزَمْت عليها أطاعت ، وإذا فَوَّضت إليها أساءت ، وإذا حَمَلْتَها على أمْر الله صَلَحت ، وإذا تَرَكْت الأمر إليها فَسَدت .
وقديما قيل :
والنفسُ كالطِّفلِ إِن تُهْمِلهُ شبَّ على *** حُبِّ الرَّضاعِ وإِن تَفْطِمْهُ يَنفَطمِ
وأن يُعامِل الناس كما يُحِبّ هو أن يُعامِلوه ، كما قال عليه الصلاة والسلام : وليأتِ إلى الناس الذي يُحِبّ أن يُؤتَى إليه . رواه مسلم .
فهل يُحِبّ أحدنا أن يُساء به الظنّ ؟
وقد أمَر الله تبارك وتعالى باجتناب الكثير خشية الوقوع في القليل ، فقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ) .
وقال عليه الصلاة والسلام : إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ . رواه البخاري ومسلم .
قال الخطابي : هو تحقيق الظن وتَصْدِيقه دون ما يَهجس في النفس ، فإن ذلك لا يُمْلَك . اهـ .
وفي قصة أبينا آدم عليه الصلاة والسلام مع إبليس : (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) .
قال قَتَادَة : فَحَلَفَ لَهُمَا بِاللَّهِ حَتَّى خَدَعَهُمَا ، وَقَدْ يُخْدَعُ الْمُؤْمِنُ بِاللَّهِ ، فَقَالَ : إِنِّي خُلِقْتُ قَبْلَكُمَا وَأَنَا أَعْلَمُ مِنْكُمَا ، فَاتَّبِعَانِي أُرْشِدْكُمَا . وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ : مَنْ خَادَعَنَا بِاللَّهِ خَدَعَنَا .
قال ابْن عُمَر رضي الله عنهما : مَن خَدَعَنا بالله انخدعنا لَهُ .
وفي خبَر المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام : أنه َرأَى رَجُلا يَسْرِقُ ، فَقَالَ لَهُ : أَسَرَقْتَ ؟ قَالَ : كَلاَّ وَاللهِ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ . فَقَالَ عِيسَى : آمَنْتُ بِاللهِ ، وَكَذَّبْتُ عَيْنِي . رواه البخاري ومسلم .
والله تعالى أعلم .