rozlene
عدد المساهمات : 141 تاريخ التسجيل : 31/01/2011
| موضوع: غــزة الصمـود والمحبة الخميس ديسمبر 29, 2011 11:37 pm | |
| Salem Aeshan
(( صور ... باللون الأحمر )) بقلم / سليم عوض عيشان ( علاونه ) غــزة الصمـود والمحبة
=============== " صور اليوم الثالث " ========= ( الصورة الأولى ) ذهبنا لتعزيته باستشهاد ثلاثة من أبنائه .. لم ندر كيف نواسيه .. أو نخفف عنه لفقدانهم بالجملة .. استحضرنا كل عبارات التعزية المتعارف عليها .. استعرضنا كل جمل المواساة للتخفيف من المصاب الجلل . وقفنا في الطابور الطويل الذي اصطف به الرجال .. الشباب ..الأطفال .. والشيوخ .. الجميع جاءوا ليقدموا واجب العزاء لوالد الشهداء وعائلتهم وذويهم . بعد وقت طويل وصلنا حيث يقف الأب بشموخ وكبرياء وأنفة وعزة . عندما قمت بمصافحته وعناقه .. لم يسعفني لساني بأية عبارة أو كلمة مما جهزته لمواساة الرجل .. هالني أمر الرجل المفاجئ .. انخرط بالبكاء والأنين فجأة .. لم يلبث أن أسعفني لساني ببعض الكلمات أخيراً .. نطقت بها فكانت كلمات وحروف متداخلة مبتورة .. همهم الرجل .. زمجر .. بصوت متحشرج خاطبني من بين الدموع الغزيرة .. - لا .. لا يا بني .. لا تظن بأني أبكي أبنائي الشهداء .. مطلقاً .. الأمر ليس كذلك .. ولكني أبكي لأن أبنائي الثلاثة الباقين .. هؤلاء الذين يقفون إلى جانبي الآن .. لم يلحقوا بأشقائهم الشهداء . +++++++++++++++ ( الصورة الثانية ) قمنا بتأدية واجب دفن مجموعة من الشهداء من أبناء الحيّ .. في مقبرة الحي الكبيرة .. وقفنا إلى جانب إمام المسجد وخطيبه نقرأ الفاتحة على أرواح الشهداء .. ما كدنا ننهي الأمر ونبتعد عن المقبرة بعض الشيء .. حتى كان الزلزال المخيف يضرب المكان بعنف ورهبة .. قنبلة حمقاء تزن طن ألقتها على المكان طائرة حمقاء مجنونة .. . بعد أن انقشع الغبار .. الدخان .. وتطايرت الأشياء .. أحجار القبور .. والأشلاء . هرولنا عائدين من جديد نحو المقبرة .. راعنا أن قبور الشهداء الذين قمنا بدفنهم قبل قليل .. وقبور الشهداء الآخرين الذين سبقوهم قد تناثرت في كل مكان .. وتطايرت أشلاء الشهداء متناثرة هنا وهناك في كل الأرجاء .. رحنا نعمل بهمة ونشاط لجمع الأشلاء المتناثرة في المكان الفسيح .. لم يكن بنا حاجة لحفر القبور من جديد ..فثمة حفرة واسعة عميقة خلفتها القنبلة الرعناء .. وضعنا بها الأشلاء التي تمكنا من العثور عليها ..أشلاء الشهداء التي اختلط بعضها ببعض .. قمنا بردم الحفرة بعد أن غطينا الأشلاء بقطع كبيرة متباينة من الأخشاب .. الألواح .. الأحجار .. وما تمكنا على عجل من الحصول عليه من أشياء أخرى . ووقفنا إلى جانب الإمام نقرأ الفاتحة على أرواح الشهداء من جديد .. ما إن ابتعدنا قليلاً عن المكان .. حتى كان القصف العاصف من الطائرات الهوجاء يقصف المقبرة .. القبور .. الشهداء .. مرة أخرى من جديد ... تطايرت القبور وأشلاء الشهداء مرة أخرى .. تناثرت في كل مكان ... هتف الشيخ الإمام بصوت متحشرج : - أولياء الله يستشهدون أكثر من مرة ؟؟!! +++++++++++++++++++ ( الصورة الثالثة ) كان يحلو لي دائماً مرافقة جارنا العجوز .. أتعلم منه الحكمة .. المعاني السامية .. الأخلاق الفاضلة .. كنا لحظتها نعود من المسجد بعد صلاة الجماعة .. عندما كان يحدثني عن الصبر .. مفاهيمه .. معانيه .. وأهميته في وقت الشدة .. خاصة في مثل هذا الوقت الذي نمر به منذ أيام وأيام .. ارتفع الصراخ المدوي المجلجل في شتى الأرجاء وسائر الأركان .. دوى في المكان صوت كقصف الرعد أو أشد هديراً .. يصم الآذان .. وتطاير كل شيء من حولنا . ارتفع الدخان والغبار ليملآ الجو رهبة .. ومن خلال الظلام الرهيب للدخان الكثيف والغبار المتطاير والأشياء المتناثرة .. وبصعوبة استطعنا أن نحدد مكان القصف .. كان منزل جارنا العجوز .. هرولنا إلى المكان لاستطلاع الأمر .. ومحاولة المساعدة في الإنقاذ والإسعاف ... كان العجوز هو الأسرع إلى المكان . بعد لحظات كان يعود .. اقترب مني شبح العجوز يحمل بين يديه شيئاً لم أتبينه إلا بصعوبة بالغة .. مد كلتا يديه نحوي .. رأيت الدموع في عينيه لأول مرة .. بينما كان يقدم لي الأشياء التي يحملها .. يبكي بحرقة .. يئن بألم .. هتف من بين الدموع بصوت متحشرج : - سيدي .. انظر .. لقد ماتت الحمائم .. لقد قتلوها .. هدموا البيت وقتلوها .. يبدو أنها لم تغادر المنزل ، لقد آثرت البقاء لتموت فيه كما عاشت فيه ؟! .. خذ يا سيدي .. خذ هذه الحمائم الصغيرة ، لا تخش شيئاً .. فهي ميتة .. مقتولة .. مقتولة سيدي .. " لماذا يقتلون الحمائم ؟؟!! " . | |
|